بعد 56 سنة اكتشف أن إسرائيل ليست الجنة الموعودة أو 'أرض الميعاد' كما يزعمون. تأكد بعد ضياع هذا العمر الطويل أنها مجرد سراب خادع يخفي وراءه عنصرية وتطرفا لا حدود لها تجاه كل ما هو عربي حتي لو كانت ديانته يهودية. فمن يحكمون إسرائيل لا يعرفون الرحمة ولا تشعر قلوبهم بالشفقة علي أحد سوي اليهود الغربيين أما اليهود من أصل عربي فإنهم مثل العرب تماما. لا ثمن لهم في نظرهم. وحينما داهمه العمر وزادت وطأة الاضطهاد قرر الهروب من هذا الجحيم ليحقق حلمه القديم بإشهار إسلامه وقضاء باقي عمره في قلب القاهرة التي يعشقها ويحب ناسها.
هذه السطور كانت ملخص حكاية عبدالكريم أو الياهو المالحي سابقا الإسرائيلي الجنسية والمولود في الدار البيضاء بالمغرب وهي قصة مثيرة لشيخ مسن يبلغ من العمر 81 عاما ويقيم في أحد فنادق العتبة الفقيرة منذ ما يقرب من شهر ونصف
.
ملامحه المستريبة دائما تؤكد أن وراءه سرا غامضا لكنه لا يريد الافصاح عنه إلا أنه كشف في روايته عن حياته وسبب مجيئه لمصر الكثير من الموجودين تحت السطح في إسرائيل من كراهية متبادلة بين الاشكناز أو اليهود الغربيين و'السفرديم' أو اليهود الشرقيين والذي يتنمي إليهم الشيخ عبدالكريم مؤكدا أن كل اليهود من أصل عربي في إسرائيل يعلمون جيدا أنهم مهما ترقوا في المناصب فإنهم لن يصلوا لمنصب رئيس الوزراء المحجوز دائما لليهود من أصل غربي.
كما أنه يعيش في فندق متواضع يبلغ إيجار الغرفة لليوم الواحد 15 جنيها ويحاول بمساعدة صديق له يدعي الشيخ حسن يعمل تاجر ملابس الموسكي العثور علي غرفة رخيصة تؤويه.
لأنه ينوي الاستقرار في مصر بعد أن تعرف عليه في أحد المساجد أثناء أدائه الصلاة حيث علمه الشيخ حسن كيفية أداء الصلاة بطريقة صحيحة.
سئل في البداية عن سبب اختياره لمصر من أجل أن تكون محل إقامته الدائمة وكيف وصل إليها قال بلغة عربية ولهجة مغربية أنه جاء إلي مصر بعد أن كره الحياة في إسرائيل بسبب سوء المعاملة التي يلاقيها هو وأمثاله من اليهود ذوي الأصول العربية وأيضا من أجل أن يشهر إسلامه لأنه كان يتمني ذلك من زمن طويل ولكنه خشي من أن يعلن إسلامه في إسرائيل فتزداد المضايقات أكثر.
وتابع عبدالكريم أنه يسعي الآن من أجل الحصول علي أمواله في إسرائيل ولكن دون جدوي.
وقال إنه جاء لمصر عن طريق فرنسا التي زارها العام الماضي تاركا في إسرائيل أولاده الثلاثة وزوجته 'أستر' التي ما إن يأتي اسمها إلا وتتغير ملامحه غاضبا فهي زادت من التعرض له بعد أن عرفت نيته في إشهار إسلامه وأمرت أولاده أن يؤذوه بسبب نيته في السفر وإشهار الأسلام.
ويكمل عبدالكريم إلي أن جاءت اللحظة الفاصلة حينما زرت مصر العام الماضي وذهبت إلي دهب وفكرت في أن أهرب من إسرائيل إلي مصر وتحقيق حلمي القديم بإشهار إسلامي بالأزهر الشريف وقضاء ما تبقي منه في القاهرة ولكن السلطات المصرية رفضت دخولي إلا بفيزا مصرية ولكني لم أستطع الحصول عليها وقتها وعدت مرة أخري إلي إسرائيل وبدأت التخطيط لتنفيذ ذلك الحلم
ولم أعد أشعر بالأمان رغم استقراري في فرنسا والحديث 'لعبدالكريم' وقررت استكمال فكرة الذهاب لمصر وتقدمت للسفارة المصرية من أجل الحصول علي فيزا لمصر وبعد عدة أيام وافقت السفارة وأخذت الفيزا وسحبت جزءا من مدخراتي من حسابي في فرنسا وسافرت إلي القاهرة.
وفي القاهرة أمضيت شهرا في أحد الفنادق الكبري ولكني وجدت نقودي تتضاءل وذهبت لإشهار إسلامي في الأزهر الشريف يوم 6 يوليو الماضي وبعدها ذهبت لأطلب من السفير الإسرائيلي مساعدتي في الحصول علي مستحقاتي ولكن تعرضت لسخريته وبعد أيام من البحث عن مكان مناسب ورخيص وجدت الفندق الذي أعيش فيه الآن في ميدان العتبة وتعرفت علي أحد التجار ويدعي الشيخ حسن الذي أصبح صديقي نصلي معا في مسجد خلف الفندق كل الفروض وبعدها أجلس معه قليلا نتحدث ثم أعود للنفدق وأنام.
ثم سئل هل سيعود لإسرائيل مرة أخري. فرد علينا أنه قرر ترك إسرائيل للابد ولكنه لن يترك نقوده أبدا وأنه سيتصل بأخيه الأكبر هناك 84 سنة ويعيش في تل أبيب ليطمئن عليه لأنه آخر من تبقي له في إسرائيل.