"الأمة".. الكلمة الحائرة بين العرق والجغرافيا والت

كثيرا ما تتردد على ألسنتنا هذه الكلمة "الأمة" فنقول الأمة العربية.. الأمة الإسلامية.. وقد نقول "قضايا الأمة" دون أن نشير إلى هويتها أو نسبها وكأننا كمصريين عندما نستمع إلى مقولة "قضايا الأمة" فإننا نعرف ما يقصده القائل لأننا جزء من أمة عربية وإسلامية في آن واحد... فما الأمة بشكل عام وكيف ينظر الغرب لهذه الكلمة وما الذي تعنيه له.. تلك أسئلة سنحاول أن نجيب عليها سويا..

.................


الأمة...



كلمة "Nation".. مشتقة من الأصل اللاتيني Nasci بمعنى "يولد"، وهي تشير إلى جمع بشري يشعر أفراده بأنهم متحدون فيما بينهم بروابط مادية وروحية في آن معا، وينظرون إلى الأفراد الذين يؤلفون المجموعات البشرية الأخرى باعتبارهم مختلفين عنهم...
وللأمة مفاهيم كثيرة، كانت ولا زالت موضع نقاش وجدال بين المفكرين.. ويحضرنا في هذا المقام مفهومان غربيان رئيسيان عند كل من ألمانيا وفرنسا يحاول كل منهما تشكيل فكرة "الأمة" كما يراها هو..

.................

"الأمة" في ألمانيا.. خلطة عنصرية




يرى الألمان أن الأمة تعني العرق الذي يهتم بعناصر بيولوجية وعنصرية ومادية، مثل عنصر الجنس واللغة والحدود الجغرافية الطبيعية، واعتبروا كل هذه العوامل تدخل في تكوين الأمة، وهنا لابد وأن نشير إلى أن من بنى هذا المفهوم هو الفرنسي "هنري دي غوبينو" في مؤلفه المعروف باسم "محاولة في درس التفاوت بين الأجناس البشرية" الصادر عام 1853-1855، ثم أخذ النظرية عنه الكُتّاب الألمان.. ومن خلال ذلك تولدت العناصر التي تشكلت منها الآراء التي بنى عليها الألمان نظرية العنصرية في ألمانيا...
كما لا يمكن أن نتغافل عن دور بسمارك (1815-1898) وهو القائد الألماني الذي قاد الولايات الألمانية الى الوحدة بعد أن استطاع بدهاء كبير أن يتحرك ويتموج بين قرارات ونفوذ ومصالح الدول الكبيرة التي شاركت في سحق "نابليون بونابرت".

وقد استطاع بسمارك أن يحارب حكومة النمسا التي كانت تعيقه كثيرا وتحتل مساحة كبيرة من الأراضي الألمانية في حرب قصيرة وهزمها، ولم يكن الهدف منها سوى إعطائه الحق في توحيد الولايات الألمانية شمال النمسا.



لكن حكومة النمسا أرادت التخلص من الورطة فطلبت إرجاع الأراضي الألمانية إلى النفوذ الفرنسي كما كانت تحت سيطرتها وفعلا تم ذلك، لكن دهاء بسمارك وشخصيته الفذة في إقامة تحالفات ومعاهدات مع قوى أخرى استطاع أن يهزم فرنسا بعد أن أعلنت الحرب عليه. وكانت النتيجة هي توحيد الولايات الألمانية بعد أن أرجع ولايتي زاس واللورين من الحكم الفرنسي، وهكذا أصبحت ألمانيا أمة جديدة في قلب أوروبا بدون منازع عام 1871م.
كما لا نستطيع أن نغفل أن فكرة تميز "العرق الألماني" كانت تأخذ في النمو والظهور والرسوخ حتى انهيار الحكم النازي، ثم أصبح الحديث عن أي تمييز عنصري بسبب اللون والعرق من الأمور الحساسة جداً في المجتمع الألماني.. وبدأوا في البحث عن مفهوم الدولة / الأمة الألمانية بغية التوحّد من جديد، حيث قامت بوضع هذه المفاهيم في إطار جديد هو الأمة الألمانية الديمقراطية بعد أن حققت وحدتها في عام 1990 في عهد الزعيم الألماني المستشار "هلموت كول" كسبيلٍ للتعايش واستمرار الوجود، وسعياً للمحافظة على عنصر بقاء الأمة الألمانية، وتحقيق مصالحها بوسائل وأساليب أخرى، من خلال التنازل عن كون العنصر الجرماني هو الأنقى وذلك بالقبول بنقاء غيره بكل تقدير.

....................

الأمة في فرنسا.. نموذج للمثالية





فالمفهوم الفرنسي للأمة أنها تعني "إرادة العيش المشترك" الذي يركز على العناصر المثالية والروحية، وتبنى الأمة وفقا لهذا على المشيئة المشتركة والأماني الواحدة..

وقد ورد ذلك في محاضرة ألقاها الفيلسوف الفرنسي "أرنست رينان" في 11 مارس 1882 في السوربون حين عرّف الأمة بأنها: "إرادة العيش الجماعي.. إنها روح ومبدأ روحي".. وبرأيه أن هناك شيئين يؤديان إلى نشأة هذه الروح: الأول كائن في الماضي، والثاني كائن في الحاضر ويصدر عن الإرادة الجماعية وهي الرغبة المشتركة في العيش سويا وفي متابعة الإعلاء من شأن التراث المشترك..

....................

الأمة.. ولا يزال الحديث مستمرا



ورغم ما قدمنا من مفاهيم غربية حول ما تعنيه هذه الكلمة فقد حاول البعض استنتاج أن الأمة حقا فكرة وإنما تستند إلى واقع اجتماعي معقد لكنه في النهاية محسوس ومادي.. وأن الأفراد ينتمون إلى نفس الأمة عندما يكون لديهم الشعور بالانتماء إلى نفس الماضي المشترك (ومن هنا تنبع أهمية التاريخ الوطني)، ملتزمين معا بالنسبة للحاضر والمستقبل بمصير واحد (ومن هنا ينبع أهمية الشعور بالتضامن رغم وجود بعض الأماني المختلفة والمتباعدة أحيانا وبإرادة العيش معا في إطار نفس الجماعة)، فالأمة توجد بوجود هذا الأساس النفسي والاجتماعي، وبشكل عام يدخل في تكوين الأمة عناصر موضوعية كاللغة والجنس والدين والإقليم والاقتصاد.. وغيرها، كما يدخل عناصر معنوية ذاتية كالرغبة في العيش المشترك والذكريات المشتركة والقرابة الروحية والوعي بالانتماء القومي..

........................


الأمة في الإسلام...






لعل من المهم أن نشير إلى أن كلمة الأمة وردت في القرآن أكثر من خمسين مرة بمعان مختلفة، ولعل أبرز معانيها وأكثرها شيوعا هو ما ورد في قوله تعالى "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (سورة آل عمران: )، وهي بهذا المعنى تعني "جماعة جزئية من أهل دين معين"، كما وردت في قوله تعالى "كلما دخلت أمة لعنت أختها.." (سورة الأعراف: آية 38، وربما تعني هنا كل جماعة اتفقت على دين أو ملة واحدة وجدت في مرحلة معينة... فالأمة محورها الأساسي -بهذا المفهوم- هو الدين، والجماعة البشرية التي تدور في فلك دين وعقيدة واحدة، وتسعى للعمل بهما، هذه الجماعة البشرية يطلق عليها مصطلح "الأمة."
ولا يتسع المقام هنا للحديث عن مقومات وتداخلات هذا المفهوم على مستوى الواقع الفعلي، ولكننا بصدد إيضاح المفهوم السائد لهذا المصطلح، ومن هنا نرى أن نشير إلى أن الإسلام جاء لتوحيد الشعوب والقلوب التي آمنت به وبرسوله على قلب رجل واحد هو النبي "محمد" -صلى الله عليه وسلم-، وعقيدة واحدة هي التوحيد، وإله واحد هو الله الواحد الأحد الذي لا شريك له...
فكان لمفهوم الأمة دور كبير في الشعور بالانتماء لهذا الدين ونشره والدفاع عنه، فيشعر الذي في مصر بذلك المسلم الذي يسكن أدغال إفريقيا أنه جزء منه وأنه يجمعه به صلة أقرب من صلة الدم إنها صلة العقيدة وعبادة إله واحد.. فالمسلم "أخو المسلم" تلك الكلمة التي أطلقها النبي -صلى الله عليه وسلم- وحدت القلوب والعقول والشعور وجعلت منه وحدة متماسكة، من هنا كان القول بأننا جزء من أمة إسلامية تمتد من أقصى الدنيا إلى أقصاها..
والحقيقة أن الدول الإسلامية بشكل عام تحاول أن تحافظ على فكرة الأمة الإسلامية من خلال مؤتمرات القمة الإسلامية، وبعض الروابط التي تجمع العالم الإسلامي إلا أنها على المستوى الفعلي لم يعد لها تأثيرها ومعناها كما أرادها لنا الدين الحنيف..



ويذكر أنه في أوج الاحتلال البريطاني لمصر وفي الوقت الذي كانت تقبع فيه مصر تحت الخلافة العثمانية كان هناك تياران، أحدهما كان يرى ضرورة ارتباط مصر بدولة الخلافة، وربط مصيرها بها والتمسك بهذا الرباط حتى ولو كان واهنا، وكان لهذا التيار دعاته يأتي في مقدمتهم: "مصطفى كامل"، والشاعر "أحمد شوقي".

أما التيار الآخر فكان ينادي بفكّ ارتباط مصر بدولة الخلافة، وتعميق الشعور الوطني، والالتفات إلى قضايا البلاد الداخلية دون انشغال بهموم الآخرين، والدعوة إلى مبدأ "مصر للمصريين"، وكان "أحمد لطفي السيد" ومن ورائه حزب الأمة أبزر الدعاة إلى هذا الاتجاه.
ثم قامت الثورة وبدأت الدعوة إلى القومية العربية، والأمة العربية في الظهور.. ثم تمر الأحداث سريعا من حرب لسلم، للا شيء مفهوم.. وها نحن في هذه المرحلة لم نعد نجد صدى للقومية.. كما أصبحت فكرة الأمة في مهب الريح..

شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

يزاك الله الف خير

العفوووووووووووووووووو

الله يعافيك الغالي

شكرا على المرور

شكرا على الموضوع

شكرا على المرور

شكرا على الموضوع

مشكور على الموضوع الحلو

شكرا على المرور

شكرا على الموضوع

شكرا