توم وجيري والمؤامرة

تمر علينا أحداث كثيرة في كل يوم نفسرها بأنها وقعت جراء "المؤامرة"
فقد تمكنت هذه النظرية بما تتيحه من تفسير منطقي لجميع "مصائب" المسلمين من التسلل لعقولنا حتى استعمرت أرجح العقول المسلمة. كثيرا ما تساءلت عن مدى صحة هذه النظرية؟ وعن مدى تأثيرها على دول العالم الإسلامي عامة ودولتي خاصة؟
بات كل نجاح يحققه أي شخص "غير مسلم" مؤامرة.. بل بات المسلم الناجح واقعا ضمن المنافقين المعاونين للمؤامرة.

أضرب لكم مثالا من واقعنا في الدولة.. فبعد افتتاح العدد الهائل لمقاهي ستار بكس في الدولة..قيل إن صاحب ستار بكس يهوي، وأن كل ربح المقهى في يوم السبت يذهب لإسرائيل لمعاونتها في تثبيت جذورها على الأراضي المحتلة.
بعبارة أخرى.. إن افتتاح ستار بكس في الدول المسلمة هدفه كسب المال من المسلمين وصرفه على الصهاينة المغتصبين. فقامت الدنيا ولم تقعد ونشرت الإعلانات لمقاطعة هذا المقهى الذي أدمن العرب قهوته (وهم واثقين بأن المقهى يدس نوعا من المواد في القهوة والتي تجعل مرتادي المقهى يدمنونها!!).
التفسير المنطقي المبسط الآخر لما حصل هو أن صاحب ستار بكس افتتح فرع لمقهاه في إحدى مدن الدولة بهدف الكسب كحال غيره من التجار وبعد أن لاقى نجاحا وتقبلا من الجمهور زادت عدد الأفرع حتى انتشرت في جميع المراكز والشوارع –حاله حال تاجر القماش الحاج متولي بعد أن علا صيته وزادت أفرع محلاته-. (تاجر وحاب يكسب!!)

في طفولتي أصيب أحدهم بشلل نصفي في وجهه، بقي الشلل لعدة أيام فقط وقد عادت عضلات وجهه للحركة بعد أن تلقى العلاج المناسب. أتذكر تفسير الناس لما حصل بأنها صفعة تلقاها ذاك الشخص على وجهه من "جنّي"! يالها من صفعة قوية شلّت وجهه! وبالطبع فقد أحضر "المطوع" ليقرأ على المريض حتى عاد وجهه كما كان. عرفت الآن بأن ما حصل لذاك المريض أمر وارد الوقوع لأي شخص.. أي التهاب فيروسي يؤثر على العصب السابع المسؤول عن حركة عضلات الوجه يؤدي إلى شلل مؤقت في الوجه.. وقد نجح الكورتيزون الذي وصفه الطبيب بإزالة الالتهاب الذي كان يضغط على أعصابه فاستعادت نشاطها.. نعم العلاج بالرقيا فعّال ولكن هل كان سيكفي من دون زيارة الطبيب والأخذ بالأسباب؟
وجه الرابط بين القصة التي ذكرت و"نظرية المؤامرة" هو تفسيراتنا المعقدة الغير منطقية –والتي تأتي جرا قلة الوعي والمعرفة- لما يحدث.

فقد باتت كل صغيرة وكبيرة تدخل مجتمعنا تفسر على أساس نظرية المؤامرة.. توم وجيري عرض منذ الأربعينيات لكي يستهزىء بالمسلمين فتوم هو المسلم الأحمق وجيري اليهودي الذكي والذي دائما ما يهزم توم بخدعه.. والكلب هي أميريكا التي دائما ما تعاون جيري على توم! يا إلهي علينا منع أطفالنا من متابعة توم وجيري كي لا يستسلموا لفكرة انتصار اليهود الدائمة على المسلمين.
وحتى عدنان ولينا.. مسلسل كرتون يخبىء خلفه حقيقة رهيبة.. فأرض الأمل التي تسكنها لينا هي في الحقيقة أرض فلسطين التي طالما حلم بها اليهود.. وجد لينا فهو ضخم الجثة، أعور العين أسمر اللون ذو عقلية جبارة مكبل بالحديد..صفته صفة المسيح الدجال! وعدنان يمثل اليهود فهو شخصية محببة قوية تملك الكثير من القدرات التي تفوق قدرة البشر الطبيعية! ولينا الفتاة الهادئة الضعيفة الجميلة التي تسعى دائما لأن ينقذها عدنان فهي فلسطين.. انظروا إلى هذه التفاسير الدقيقة! انظروا إلى أي مدى وصل هذا "المحلل" من تفسيرات جراء مشاهدة مسلسل كرتون موجه للأطفال هدفه تعليمهم بأن الخير ينتصر في النهاية وبأن الشر لابد وأن يزول.
انظروا إلى أي مدى وصل الاستخفاف بعقولنا.

هذا بالضبط ما أعنيه.. تحليل المسلمين الغير سوي لكثير من أحداث العالم على أنها مؤامرة للقضاء على الإسلام والمسلمين. إن في استسلامنا لهذه الخزعبلات.. ومحاولتنا تحليل كل ما يحصل إهدار لوقت وطاقة باستطاعتنا استغلالها في إعمار دولنا وتقوية اقتصادنا في العالم الإسلامي.

إن نظرية المؤامرة موجودة منذ أن ظهرت الأديان السماوية الثلاث.. وستبقى إلى أن تقوم الساعة..فالعداء بين الأديان حقيقة لا مفر منها.. ولكن سوء فهمنا وتفسيرنا لها انعكس سلبيا على حياتنا وفهمنا.. فصار سببا في تخلفنا وجهلنا.. وتقوقعنا في عالم محدود السعة لا يحتمل أي عاقل القعود فيه.

سؤال أخير أطرحه عليك يا من تؤمن بقوة هذه النظرية: هل يقعد كل غير المسلمين في العالم عن التلذذ بالحياة الدنيا التي ما خلقها الله –تعالى- إلا لهم، ليركزوا طاقاتهم على إيذاء المسلمين فحسب؟

كفى استخفافا بعقولنا.. كفى تهويلا للمؤامرة..

منقول من الكاتبة تفاصيل

هههههه
شكرا على الموضوع

شكرا على المرور

شكرا على الموضوع

شكرا على المرور

شكرا

شكرا على المرور

شكرا علي الموضوع الطيب

شكرا...

طااااخ نو واي عايزيني أقرأ كوول ده بس فعلا مؤامرة وسخة <<< هو إيه الموضوع

شكرا علي الموضوع الطيب

مشكور على الموضوع