غُـــرْبَـة
ينابيـعُ الهـوى جفَّـتْ وشابـا
فـؤادٌ كـانَ فـي أمْـسٍ شبابـا
و أمسـى مُثْقـلاً بالهَـمِّ يحبـو
إلى دربِ الهُـدى يرجـو الإيابـا
قضى رَدَحاً مِـنَ الأيـامِ يلهـو
وَيشْرَبُ مِـنْ منابِعِـهِ الرُّضابـا
وطاردَ زُخْرُفاً فـي الأرضِ حتّـى
إذا مـا نالَـهُ يَغْـدو سَـرابـا
وأمْعَنَ فـي تقصّـي السِّـرِّ فيـهِ
فـأدرَكَ كُنْهَـهُ حقّـاً وتـابـا
أَحادي الرَّكْبِ هلْ في الرَّكْبِ رَحْلٌ
لِمَـنْ فَقَـدَ المؤونـة والرِّكابـا
وَعانى مِنْ صُروفِ الدَّهْـرِ حتّـى
تَوارى خَلْـفَ وِحْدَتِـهِ ارْتِيابـا
فقدتُ الأمنَ في عيْشـي أنيسـاً
وكأسُ المُرِّ صـارَ لِـيَ الشَّرابـا
أعيـشُ وهـذهِ الدُّنيـا غريبـاً
أُقَلِّبُـهـا فَــأزداد اغتِـرابـا
فَتُقْبِـلُ إذْ أُبادِلُـهـا جَـفـاءً
وتُدْبِِـرُ إنْ لَهَثْـتُ لهـا طِلابـا
تَدَبَّـرْهـا بِإمـعـان قَلـيـلاً
تُلاقـي فـي تَناقُضِهـا العُجابـا
فكمْ مِنْ سادةٍ صـاروا أُسـارى
وكمْ مِـنْ آبِـقٍ مَلَـكَ الرِّقابـا
وكمْ منْ ضيّـقٍ يغـدو فَسيحـاً
وكم منْ واسِعٍ ضـاقَ الرِّحابـا
وَوُسِّدَتِ الأُمـورُ لأهـلِ جَهْـلٍ
أضاعوهـا وضَيَّعْنـا الصَّـوابـا
فَقافلـة الجِمـالِ بِذيْـلِ هِــرٍّ
يُسَيِّـرُ هـا لأنَّ العقْـلَ غـابـا
وأسفـارُ البَلاغَـةِ فـي رُكـودٍ
وَ سُخْفُ القَـوْلِ للقُـرّاءِ طابـا
قَصيـدُ الحـبِّ نُتْخِمُـهُ فُجـورا
وَدعوى الحَـقِّ نَمْلَؤهـا سِبابـا
وغانِيَة غدتْ فـي النـاسِ نجمـاً
وذو الآدابِ فـي النِّسْيـانِ ذابـا
بِـلادٌ تَدَّعـي الإسـلامَ ديـنـاً
وَ تَنْبِذُ كُلَّ مَنْ لَبِسَتْ حِجابـا ؟!
وربُّ البيْتِ مَنْ يُدْعـى دَخيـلاً
ولِصُّ البيـتِ يسْكُنُـهُ اغْتِصابـا
عُيونُ الحَـقِّ لَـوْ تَغْفـو قليـلاً
يَكونُ الباطِـلُ اجْتـازُ السَّحابـا
لَعَمْرُكَ ما لِطولِ العُمْـرِ جَـدوى
إذا فَـقَـدَ المـآثِـرَ وَالثَّـوابـا
أغثْني يـا رحيـمُ بِبَعْـضِ ظِـلٍّ
إذا ما الشّمْـسُ آذَنَـتِ اقتِرابـا
ظَمِئْتُ لِشَرْبَةٍ مِنْ حَـوْضِ مـاءٍ
يُرَوّيهـا المُشَفَّـعُ مَـنْ أنـابـا
وأرْسِلْ لـي كِتابـي فـي يِمينـي
لأفْـرَحَ أّنْ تناولْـتُ الكِتـابـا
وَمُدَّ لِيَ الصِّراطَ كَأرْضِ رَحْـبٍ
أُجـاوِزُهُ وَ جَنِّبْـنـي العَـذابـا
بِجودٍ مِنْكَ يا غَفّـارُ هَـبْ لـي
مِـنَ الرَّيّـانِ لِلْفِـرْدَوْسِ بابـا
شــــعر